ذهبت الى التحرير..
استيقظت فى الصباح الباكر.. أطعمت أرانبى.. لبست ملابسى.. أخذت حقيبة يدى.. ودعت أهلى.. واستودعت الله أهلى ومالى ثم انطلقت.. تحملنى مشاعر التطلع إلى ذلك المشهد الحافل.. وما أن وصلت إلى محطة المترو بشبرا حتى رأيت حشودا هائله.. وجموعا تقبل تليها جموع.. واكتظ المترو بأولئك ذوى اللحى والملابس القصيره.. الذين أطلق عليهم الاعلام الاسلاميين، ترى فى وجوههم البشر وكل منهم رسم ابتسامة عريضة على ناصيته.. وتلحظ من تقاسيم وجوههم أنهم من مناطق شتى.
ركبت المترو الذى لم يعد فيه موضع شبر تتحرك فيه.. وما أن وصل المترو محطة التحرير.. وكأن قنبلة بشريه انفجرت لتقذف مئات البشر. خرجت الى الميدان بمشاعر أقرب الى الفرح ببلوغ الميدان.. سألت كيف الوصول الى منصة السلفيين فأشار الى أحد الموجودين أن من هنا. وكان أصعب شىء هو الوصول الى ذلك المكان.. إذ كان الزحام غير عادى ولم أرى فى حياتى مشهدا كهذا.. وفعلا كان مشهدا مشرفا.. وحضورا مشرفا من أولئك الذين جاءوا لا لشىء إلا ليعلنوا عن هويتهم الاسلاميه ولا نقبل بديلا عن شرع الله وإن لم تكن مصر اسلاميه فماذا تكون؟؟!!.. هؤلاء الذين جاءوا ليعلم الطرف الاخر أصحاب الاقليات أن لا مجال لتراهاتكم مابين أفكار فارغه ومباىء فوق الدستور وأنهم فقط المثقفين وما دونهم فلاحين وما الى ذلك.. جاء كل هؤلاء من كل حدب وصوب لم يتكاسل منهم أحد إذ دعوا لرفع راية أن الشريعة أولا وأن لا وصاية على الشعب من قبل أقليه وللشعب أن يصنع مستقبله بيده، وأن هؤلاء من تسمونهم الاسلاميين حضروا حضورا مشرفا لتعلموا أن البلد بلد مسلمين وبعد لأولئك الذين ينعقون هنا وهناك.
المهم شققت الزحام وصولا الى اقرب مكان من المنصه بصعوبة بالغه وقفت أرقب الموقف ثم جلست تحت لهيب الشمس المحرقه التى جعلت رأسى أشبه برغيف خبز.. جلست على الارض إذ لم أحتمل الوقوف، فرش الذى بجانبى سجادة كانت معه وجلسنا.. قلت: أخوك عمر من البحيره.. قال محمود العدوى من المحله، أخرج سندويتشاته وعرض على فى إلحاح فشكرته جزيل الشكر.. ثم لمرور أحد الذين سقطوا إعياءا من الزحام تغير مكان جلستى لأجلس بجوار اخ أخر.. قلت: من أين أنت قال من أبو حمص قلت أخوك من ايتاى البارود، كان معه سجاده غطينا بها رؤسنا ثم أعطاه الذى بجواره تمرة فأكل نصفها وألح فى أن آخذ النصف الآخر فشكرته وأخبرته أن معى تمر، وتناوب المتظاهرون فى الهتاف مرددين عبارت منها..
الشعب يريد تطبيق شرع الله
بالروح بالدم نفديك يا اسلام
لا اله الا الله الاسلام شرع الله
فوق الدستور ايه كان الاستفتاء ليه
وكمان مبادىء حاكمه لسه العصابه حاكمه
ولفت نظرى رجل معاق فى أوخر الثلاثينات من عمره حضر الى الميدان أمام المنصة بعجلته البسيطه التى حملها من الخلف بجراكن المياه التى جعل الحاضرون يصبون منها للشرب وغسل الرؤوس. وكانت هناك شلالات من المياه تنصب من كل عضو فى جسدى ولم تصمد مناديل الورق أمام تلك الشلالات وصارت ملابس وكأنى سقطت لتوى فى نهر، وقطرات العرق تنساب من لحيتى أشبه بصنبور معطوب، ولم يكن حالى فقط بل حال الجميع حتى كان الذى بجوارى يمسح وجهه فى طرف ثوب الذى أمامه ويقول له عذرا لم أجد جزءا جافا فى ثوبى، ولفت نظرى أن أحدا لم يغضب على أحد أو يكشر عن أنيابه بل ما أن تطأ قدمك على من بجوارك أو تقع عليه تنظر لتعتذر فترى ابتسامه عريضه وعبارة (ولا يهمك)، سبحان الله من أين جاء هؤلاء ذوى الاخلاق السمحه إخوة فى الله على غير أرحام بينهم.. إنهم أهل مصر من الاسكندرية الى الصعيد.
وتناوب الشيوخ الأجلاء فى إلقاء الكلمات واحدا تلو الآخر حتى أذن لصلاة الجمعه.. صلينا الجمعه وعقبها العصر وكانت خطبة رائعه للدكتور مظهر شاهين. وبعد صلاة الجمعه أحسست بإعياء شديد، جلست وأخرجت كيس تمر من حقيبتى تناولت بعض التمرات وشربت بعض المياه ثم انطلقت أجوب الميدان، لتطلع المشهد وبحثا عن المياه وكانت عربات المياه تأتى إلى الميدان بالمجان واحدة تلو الأخرى.. شربت وارتويت وانطلقت أجوب الميدان حتى بلغت العقار رقم 11 التحرير ولفت نظر الجميع خروج تيار هواء بارد من مدخله ذو البوابه الحديديه المغلقه بالسلاسل فوقف الماره أمامها بالتبادل يستنشقون الهواء البارد، أما أنا فوقفت هناك طويلا وأخذت أتكلم مع الذى بجوارى حتى سألنى أنت من ايتاى؟ قلت : نعم، قال: كنت فى مدرسة عزت النمر الثانويه؟ قلت: نعم قال: لى (شكلك مش غريب على) تأملت وجهه الذى صار شديد الاحمرار تحيط به لحية خفيفه.. فإذ به كان أستاذا لى فى المرحلة الثانويه فعانقته ثم تكلمت معه قليلا وودعته وانصرفت أجوب الميدان.
وفعلا كان حضورا مشرفا من هؤلاء الذين أطلقوا عليهم الاسلاميين.. ما أن ترى الميدان الا أن تقول فعلا هذه بلد اسلاميين لا علمانيين ولا ليبراليين، تجولت كثيرا فى الميدان أجر قدمى من شدة الاعياء، ونظرا لشدة إعيائي بحثت عن ذلك العامود الذى يحمل دائرة بداخلها حرف ميم ( M ) فوجدتها بصعوبه، نزلت الى المحطه لأرحل وسط قليل من الراحليين ومئات متدفقين الى الميدان، لفت نظرى تيار الهواء داخل المحطه فافترشت الرصيف مع الجلوس وأخرجت كيس التمرات وزجاجه المياه.. أكلت وشربت ثم ركبت المترو ورحلت.
وأخيرا أقول..
الحمد لله أن هذا البلد ينطوى على هذه الأعداد الهائله ممن أسموهم الاسلاميين لأن ذلك أبسط دليل على أنها بلد اسلام وشرع الله فوق الكل، والحمد لله أننى لم أتكاسل عن الحضور ولم يتكاسل غيرى والا لم تكن تيارات الاقليه لتكف عن الصراخ هنا وهناك أين دعاة الاسلام؟؟ لا وجود لهم، إذن فنحن المثقفون سنتولى الوصايه على الشعب المسكين ونضع وثيقه مبادىء فوق الدستور وندعوكم الى ليبرالية الولايات المتحدة الامريكيه وكيت وكيت لأن هذا الشعب لا يعرف مصلحته.
بارك الله فيك اخى عمرو وفى كل من ساهم بأقل مجهود وأسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يظلكم ويظلنى معكم بظله يوم لاظل الا ظله .....آمـــــين ....آمـــــــــــــــــــين .....آمـــــــــــــــــــــين
hamada2001السبت يوليو 30, 2011 9:22 pm